أسباب الأرق النفسية والعقلية.. لا تنم عنها

سيدة تجلس على طرف السرير لمعاناتها من الأرق

الأرق هو اضطراب شائع في النوم يواجه فيه المصاب صعوبة في النوم المنتظم حتى في ظل تهيؤ الظروف البيئية الملائمة لتحقيق نوم جيد.

يتم الاستدلال على الأرق عبر عدة علامات؛ منها الصعوبة في بدء النوم (وجود فترة طويلة ما بين الخلود للنوم والغفوة)، والاستيقاظ المتكرر أو العابر خلال الليل أو الاستيقاظ المبكر، بالإضافة لتعذر العودة للنوم بعد أي استفاقة، إلى جانب الشعور باليقظة ضمن أطوار النوم.

أسباب الأرق

يعود الإحساس بهذه العوارض التي تشكّل الأرق، إلى مجموعة متنوعة من الأسباب. تلعب الأسباب المتعلقة بالصحة النفسية والعقلية الدور الأكبر في الإصابة بالأرق، وتتلخص هذه الأسباب بما يلي:

1. التفكير الزائد

الأرق والتفكير الزائد عادة ما يترافقان مع بعضهما البعض، فعندما يكون الشخص منشغلا في التفكير بأحداث يومه واستحضار الأفكار تلو الأفكار، فإنه يتعذر عليه الاسترخاء والغفو والانغماس في النوم، كما قد يكون من الصعب على الشخص التخلص من الأفكار التي تؤرقه وتشغل باله دون وضع استراتيجيات لإبعاد الأفكار المؤرقة وإيقاف تدفقها للذهن.

2. الاكتئاب

يعدّ الأرق من الأعراض الرئيسية للاكتئاب والاكتئاب ثنائيّ القطب؛ إذ تشير الأدلة إلى أن 75% من مرضى الاكتئاب يواجهون صعوباتٍ في النوم.

بالإضافة لذلك، قد تكون العلاقة بين الاكتئاب والأرق ثنائية الاتجاه؛ بمعنى أن الأرق قد يكون مسببًا للاكتئاب مثلما هو العكس، وتوصف اضطرابات النوم بكونها عامل خطر كبير للإصابة بالاكتئاب. تؤثر قلة النوم على نشاط هرمون (السيروتونين)، وهو مادة كيميائية تساهم في تنظيم المزاج وتحقيق الشعور بالسعادة.

3. التوتر

في دراسة أجريت على طلبة الجامعات، تبين أن هناك ارتباطًا بين المستويات العليا من التوتر وبين سوء نوعية النوم؛ إذ يسفر التوتر عن قصر ساعات النوم نتيجة تحفيزه الإثارة الجسدية وزيادته لمستويات الكورتيزول مما يتسبب في حالة من الأرق. في المقابل، فإن النوم العميق له تأثير مضاد لنظام التوتر بما في ذلك الجهاز العصبي الودي والمحور الوطائي النخامي الكظري (HPA).

4. الوسواس القهري

أظهرت دراسة أن الأشخاص الذي يعانون من اضطراب الوسواس القهري (OCD) لديهم فرصة مضاعفة بحوالي 7 مرات للإصابة بالأرق.

يعرف الوسواس القهري بأنه عبارة عن أفكار متطفلة متواصلة وراسخة وغير مرغوب فيها. أوضحت الأبحاث أن هذا النوع من الأفكار يتصاحب مع حدوث صعوبات في النوم، وأن هناك صلة قوية بين الوسواس القهري وظهور أعراض الأرق.

5. الانفصام

تمثل اضطرابات النوم مشكلة رئيسية للأفراد الذين تمّ تشخيصهم بالانفصام، وقد تظهر مشكلات النوم خلال أي مرحلة من مراحل المرض.

بحسب الدراسات، فإن ما يربو على 80% من المصابين بالانفصام يعانون من أعراض الأرق، كما بيّنت الدراسات أن 50% من المرضى الذين يعانون من وهم الاضطهاد (Persecutory Delusions) يواجهون أعراضًا متوسطة إلى شديدة من الأرق.

6. آثار تعاطي المخدرات

هناك علاقة ذات اتجاهين بين الأرق والمخدرات؛ حيث تؤثر المواد المخدرة على مستقبلات وأنظمة النواقل العصبية المختلفة، وبعض هذه الأنظمة العصبية تتولى مهمة تنظيم النوم الطبيعي. من ناحية أخرى، قد يقود الأرق الأفرادَ للانجرار نحو تعاطي المخدرات. يجدر بالذكر أن معدل انتشار الأرَق أعلى بثلاثة أضعاف بين الأشخاص الذين يمرون باضطراب تعاطي المخدرات.

7. اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه

الأرق هو من الأعراض الشائعة التي يعاني منها المصابون باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، جنبًا إلى جنب مع اضطرابات النوم الأخرى مثل متلازمة تململ الساقين والتغيرات في إيقاع الساعة البيولوجية.

يؤدي اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه إلى تشتُّت التركيز والارتباك وسهولة الاستثارة وعدم الاسترخاء بما يلزم للدخول في النوم، كما أن أعراض الأدوية الموصوفة لعلاج هذا الاضطراب قد يسفر عنها الشعور بمزيد من اليقظة.

أسباب أخرى للأرق مرتبطة بالصحة العقلية:

  • اضطراب القلق
  • اضّطراب القلق الاجتماعي
  • اضطراب ما بعد الصدمة
  • مرض باركنسون
  • داء الزهايمر
  • اضطراب الهلع
  • الرهاب أو الفوبيا

ما هو علاج الأرق؟

يبدأ علاج الأرَق بالخضوع للفحوصات الطبية اللازمة لتحديد السبب الكامن وراء المعاناة من قلة النوم، ثم تلقي العلاج الذي يتناسب مع الحالة وظروفها. في بعض الحالات التي تكون ذات أسباب ثانوية، فقد يساعد اتباع بعض الخطط والاستراتيجات الذاتية على تجاوز مشاعر الأرق؛ ومنها على سبيل المثال:

  • السيطرة على التوتر، ويتم ذلك عن طريق القراءة والاستماع للموسيقى الهادئة وممارسة الأنشطة البدنية وتمارين اليوغا.
مثال على موسيقى هادئة يمكنها أن تعينك على النوم
  • حاول عدم أخذ قيلولة أثناء النهار وخاصة فترة العصر، لحث جسمك على الاستغراق في النوم ليلًا.
  • تجنَّب الكافيين في ساعات المساء، وامتنع عن تناول الطعام في وقت متأخر.
  • قلل من شرب أي شيء قبل النوم تفاديًا للجوء للحمام والاستيقاظ خلال ساعات الليل.
  • وفي أثناء ذلك، تلافى الأدوية التي لا تستوجب وصفة طبية؛ مثل المسكنات وخافضات الحرارة لاحتوائها على كمية كبيرة من الكافيين.
  • تأكد من أن غرفك نومك مظلمة ومكيفة وهادئة قبل الخلود إلى النوم.
  • ضع جدول محدد وثابت لنومك والتزم به على الدوام.

بالتوازي مع ذلك، من الممكن أن يسعفك تطبيق هذه الاستراتيجات على الوقاية من الأرق والأعراض المصاحبة له.

خلاصة

في النهاية وبعد استعراض أسباب الأرق النفسية والعقلية، ينبغي عليك عدم التغاضي عنها وأخذها بالحسبان عند شعورك بصعوبات في النوم. لا تتجاهل نداءات جسمك في الليل والتي قد تتمثل على هيئة مشاكل نفسية وعقلية تعيقك عن خوض تجربة نوم طويلة وعميقة، ولا تنسَ أن بمقدورك استشارة الطبيب المختص إذا أحسست بأي من أعراض الأرق.

○ عمِّم الفائدة:


المراجع:

(1) Comorbid Insomnia and Psychiatric Disorders, National Library of Medicine (NIH)
https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC5906087/

(2) Obsessive compulsive symptoms and sleep difficulties: exploring the unique relationship between insomnia and obsessions, NIH
https://pubmed.ncbi.nlm.nih.gov/25038630/

(3) Can’t sleep? Overthinking? How thought blocking can help, Sleepstation 
https://www.sleepstation.org.uk/articles/sleep-tips/thought-blocking/#:~:text=Insomnia%20and%20overthinking%20often%20go,more%20problems%20than%20it%20solves

(4) Insomnia May Mediate the Relationship Between Stress and Anxiety: A Cross-Sectional Study in University Students, NIH
https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC7802775/

(5) INSOMNIA Treatment, NHLBI
https://www.nhlbi.nih.gov/health/insomnia/treatment#:~:text=Follow%20a%20routine%20that%20helps,insomnia%2C%20especially%20in%20older%20adults

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top