يتميز الصداع النصفي (الشقيقة) بحدوث نوبات متكررة من الخفقان والألم النابض في جهة واحدة من الرأس أو الجهتين بالتزامن، والذي ينشأ عن تنشيط الألياف العصبية في جدار الأوعية الدموية في المخ التي تنتقل داخل السحايا (وهي أغشية تحمي الدماغ والحبل الشوكي).
يساعد الإلمام بكيفية تطور الصداع النصفي وأنماطه على التنبؤ بالأعراض المصاحبة ومحاولة إدارتها وتجنُّب عوامل الخطر، وصولًا لاستخدام العلاجات المناسبة عند اللزوم. وبالتالي، يكون من المهم فهم المراحل التي تمر بها الشقيقة، والأشكال التي تتخذها.
مراحل الشقيقة
يتفرع الصداع النصفي إلى أربع مراحل، وقد تكون جميعها حاضرة أثناء النوبة وقد تغيب إحداها، وهي كالتالي:
1. البادرة أو المرحلة الأولية: هي مجموعة من العلامات والأعراض الأولية الخفيفة التي تنبئك بقدوم صداع نصفي. تستمر الأعراض الأولية لمدة تصل إلى 24 ساعة قبل تطور الشقيقة، وتشمل هذه الأعراض شهية زائدة لتناول الطعام، والعطش الشديد، وتغيرات في المزاج غير مبررة؛ كالكآبة أو الفرح الشديد. بالإضافة إلى التثاؤب الخارج عن السيطرة، مع احتباس السوائل، أو كثرة التبول.
2. الهالة: تزداد العلامات التحذيرية في هذه المرحلة، فقد يرى بعض المصابين ظواهر بصرية تشبه الأشكال الهندسية أو التموجات أو الوميض أو الأضواء الساطعة تسبق نوبة الصداع النصفي أو أثناءها، بينما قد يعاني آخرون من ضعف في العضلات أو الإمساك. وقد يشعر المصاب أيضًا بشيء من التنميل أو الوخز أو بكونه يتعرض للمس دون وجود مصدر خارجي.
3. النوبة: عادة ما تبدأ نوبة الصداع النصفي تدريجيًا وتزداد حِدتها مع الوقت. وقد تتركز على جانب واحد من الرأس أو كليهما، وتستغرق هذه المرحلة ما بين بضع ساعات وحتى 3 أيام، وتتراوح درجة ألم النوبة ما بين الخفيفة والمعتدلة والشديدة على حسب الشخص والحادثة، ومن الممكن أن تصاب بحالة من الشقيقة دون الشعور بألم في الرأس.
4. مرحلة ما بعد الصداع: غالبًا ما يشعر الأشخاص بالإرهاق أو الارتباك عقب انتهاء نوبة الصداع النِصفي. قد تستمر هذه المرحلة حتى يوم واحد قبل أن يعود الأشخاص للشعور بصحة جيدة مرة أخرى. وفي هذه الأثناء، قد يؤدي تحريك الرأس المفاجئ إلى الشعور بالألم لبعض الوقت.
ما هي أنواع الصداع النصفي؟
يُصنَّف هذا المرض إلى عدة أنواع، من ضمنها نوعين رئيسيين، وهما:
1. الصداع النصفي المصحوب بهالة
يعاني من هذا النوع واحد من كل ثلاث أشخاص مصابين بالشقيقة. يتضمن هذا النوع اضطرابات بصرية وأعراض عصبية أخرى تظهر قبل حوالي 10 إلى 60 دقيقة من الصداع الفعلي ولا تزيد مدتها عادةً عن ساعة. قد يفقد الأفراد جزءًا أو كل رؤيتهم بشكل مؤقت. ويمكن أن تحدث الهالة بدون ألم في الرأس، مع إمكانية حدوثه في أي وقت.
وتشير الأعراض الأخرى إلى:
- صعوبة في الكلام.
- الارتباك.
- إحساس غير طبيعي أو خدر أو ضعف العضلات في أحد جوانب الجسم.
- إحساس بالوخز في اليدين أو الوجه.
- الغثيان وفقدان الشهية.
- زيادة الحساسية للضوء، الصوت، أو الضوضاء.
2. الصداع النصفي بدون هالة
ويسمى أيضًا الصداع النصفي العادي. هو الشكل الأكثر شيوعًا للشقيقة والذي لا يمنح المصاب به قراءةً واضحة عن موعد بدء النوبة.
تشمل أعراض هذا النوع:
- ألم في الرأس، يحدث دون سابق إنذار وغالبًا ما يشعر به الشخص على جهة واحدة من الرأس.
- التعب والحساسية المفرطة للنور أو الصوت أو الضجيج.
- الالتباس والرؤية المشوشة وتقلبات المزاج.
أنواع الصداع النصفي الأخرى
تتلخص الأنواع الأخرى من الصداع النصفي بما يلي:
• الصداع النصفي البطني: يصيب غالبًا الأطفال الصغار ويقع ضحيته 4 من كل 100 طفل. يتضمن ألمًا متوسطًا إلى شديد بمنتصف البطن يستمر من ساعة واحدة إلى 72 ساعة، مع قليل من ألم الرأس أو عدمه. يُضاف لها أعراض أخرى كالغثيان والقيء وانعدام الشهية.
• الصداع النصفي القاعدي: يؤثر بصورة رئيسية على الأطفال والمراهقين، ويتركز حدوثه بين الفتيات المراهقات وقد يرتبط بدورتهن الشهرية. تشمل الأعراض فقدًا جزئيًا أو كليًا للرؤية أو ازدواجية النظر، مع الدوخة وفقدان التوازن، وضعف التنسيق العضلي، والتلعثم، وطنين في الأذنين، وحتى الإغماء. قد يظهر ألم نابض فجأة ويتم الشعور به في الجزء الخلفي من الرأس على كلا الاتجاهين.
• الصداع النصفي الفالجي: هو نمط نادر وشديد من الشقيقة يسبب شللًا مؤقتًا في أحد جانبي الجسم ويستمر أحيانًا لعدة أيام. تأخذ الأعراض شكل الدوار، والإحساس بالوخز أو الطعن، ومشكلات في الرؤية أو النطق أو البلع، وعادة ما تتوقف الأعراض بعد ذلك بوقت قصير.
• الصداع النصفي أثناء الدورة الشهرية: يؤثر على النساء في وقت قريب من الدورة الشهرية، رغم أن معظم النساء اللاتي يعانين من مرض الشقيقة المرتبط بالدورة الشهرية يعانين أيضًا من المرض في أوقات أخرى من الشهر. قد تضم الأعراض ألمًا نابضًا على جانب واحد من الرأس، والغثيان، والقيء، والحساسية الزائدة للأصوات والأضواء.
• الصداع النصفي الشبكي: هو حالة تتميز بنوبات من فقدان البصر أو اضطرابات في الرؤية في عين واحدة.
• حالة الشقيقة المزمنة: شكل نادر وشديد يمكن أن يستمر فيه الألم والغثيان لمدة 72 ساعة أو أكثر. قد يكون الألم والغثيان شديدين للغاية لدرجة يحتاج فيها الأشخاص إلى النقل للمستشفى.
ما الذي يمكن أن يحفز الشقيقة؟
ثمة عدة عوامل محفزة يمكن أن تزيد من خطر إصابتك بصداع نصفي. تتباين هذه العوامل المؤدِّية لحدوث الصداع من شخصٍ لآخر:
- تغيرات فجائية في الطقس أو البيئة
- النوم الزائد أو غير الكافي
- روائح أو أبخرة قوية
- الإجهاد والضغط النفسي
- أصوات عالية أو مفاجئة
- الأضواء الساطعة أو الوامضة
- دُوَار الحركة
- انخفاض مستوى السكر في الدم
- تفويت وجبات الطعام أو عدم القدرة على إكمالها
- التدخين
- الاكتئاب والقلق
- إصابات الرأس
- الدوخة الناتجة عن شرب الكحول
- بعض تأثيرات الأدوية
- التغيرات الهرمونية
وفي الختام، قد يساهم تجنب العوامل المحفزة مع استيعاب شكل المرض، في الحدّ من حالات الصداع النصفي، بالإضافة إلى المراجعة المسبقة للطبيب لحظة الشعور بأي من الأعراض والتغيرات المذكورة.
المراجع:
(1) Migraine, National Institutes of Health (NIH) website
https://www.ninds.nih.gov/health-information/disorders/migraine
(2) Migraine, National Health Service (NHS) website
https://www.nhs.uk/conditions/migraine/