التربتوفان (Tryptophan)، هو عبارة عن حمض أميني أساسي يعدّ ضروريًا في عملية تصنيع جسم الإنسان للبروتين، ولا يمكن إنتاجه داخل الجسم؛ لذلك يجب تحصيله عن طريق تناوله من مصادره الغذائية.

عندما يتناول الإنسان الترِبتوفان فإنّه يتحول أثناء عملية الأيض إلى مركبات فعالة حيويًّا. من المركبات الهامة التي يشارك التربتوفان بإنتاجها: السيروتونين، الميلاتونين، الكينورينين، والنيكوتيناميد (أحد أشكال فيتامين B3).
في هذا المقال، سنتعرف على استعمالات وفوائد التربتوفان. وبالمقابل، سنكشف عن الأضرار النّاتجة عن استخدامه، كما سنستعرض معلومات دوائية وتفاصيل إضافية عن هذا المركب.
استخدامات وفوائد التربتوفان
يتراوح الاحتياج اليومي من الترِبْتوفان للبالغين ما بين 3.5 و6.0 ميلليغرامات لكل كيلوغرام من وزن الجسم. لو افترضنا أن وزنك 70 كيلوغرامًا فهذا يجعل احتياجك اليوميّ من المركب يتفاوت بين 245 و350 ميلليغرامًا. فيما يلي، سنوضح لِمَ عليك تناول تلك الكمية المحددة يوميًّا، وتأثيرها الإيجابي على جسمك:
1. محاربة الاكتئاب
يعتبر التربتوفان المادة الأولية لإنتاج السيروتونين في الجسم بعد أن يتحول إلى 5-هيدروكسي التربتوفان (HTP-5)، والذي بدوره يتحول إلى السيروتونين والمعروف بهرمون السعادة. وعليه، يمكن أن يُستخدم الحمضُ الأمينيّ ترِبتوفان كبديل طبيعي للأدوية المضادة للاكتئاب في حالاته البسيطة.
ففي أحد البحوث، اتضح أن اتباع نظام غذائي غني بالتربْتوفان، يعني أعراضَ اكتئاب أقل، وحالة مزاجية أفضل يتمتع بها الشخص، بينما لوحظت نتائج سلبية كالهيجان والتوتر والقلق عند السير على نظام غذائي منخفض التربتوفان.
2. تعزيز الوظائف الإدراكية
كنا قد تكلمنا عن التربتوفان ودوره في تخليق السيروتونين، وهذا الأخير هو هرمون وناقل عصبي متعدد المهام، وإحدى مهامه تنصبّ في تنشيط الوظائف الإدراكية للإنسان؛ بما فيها الذاكرة، والتركيز، واتخاذ القرار، ومعالجة البيانات. يُعزى ذلك إلى مساهمة السيروتونين الأساسية في تحسين المزاج والحالة العاطفية، والتي ترتبط ارتباطًا وثيقا بالحالة الإدراكية.
3. التغلب على الأرق ومشاكل النوم
كما ذكرنا في المقدمة، فإن التربتوفان يحفز من إنتاج الميلاتونين. لذلك، فهو يحارب الأرق ويساعد في النوم عبر تقليل الوقت الذي يستغرقه الشخص لحين الغفو؛ ثم إنه كفيل برفع إجمالي ساعات النّوم وتقليل عدد مرات الاستيقاظ، وصولا إلى تحسين دورة النوم بشكل عام. وبالتالي، الحصول على نومٍ عالي الجودة.
4. تخفيف أعراض متلازمة ما قبل الدّورة الشهرية PMS
يساعد التربتوفان في تخفيف هذه الأعراض خصوصًا تلك المتعلقة بتغير المزاج والشهيّة. أكدت ذلك دراسة أجريت على 16 امرأة يعانين من حالة (PMS). رصدت الدراسة تفاقمًا ملحوظا في أعراض ما قبلَ الحيض عند النساء اللاتي لديهن نقص في مستويات التربْتوفان. وكان لانخفاض التربتوفان الأثر الأكبر في زيادة الأعراض قياسًا إلى الأحماض الأمينية الأخرى.
5. مفيد لمرضى الصداع النصفي
من المتعارف عليه أن الشقيقة تُخلّ بمستويات السيروتونين في الدماغ. يعمل التربتوفان هنا على موازنة مستويات السيروتونين لدى أدمغة مرضى الصداع النصفي، وقد يقلل من نوبات الشقيقة ويخفف من أعراضها. يرجع الفضل في ذلك إلى الكينويورينين والميلاتونين اللذان يَنتُجان عن استقلاب التربتوفان، ويلعبان دورًا في تنظيم العمليات العصبية والالتهابية ذات الصلة بالشقيقة.
6. تخفيض سكر الدّم
من ناحية أخرى، وفي دراسة جرى خلالها استخدام التربتوفان مع مستخلص أوراق التوت، أثبت هذا المزيج فاعليته في خفض مستوى السكر في الدم عقب تناول الطّعام (Postprandial glucose)، وتبيَّن تأثير الخليط نفسه في زيادة الاسترخاء وتحسين نوعية النوم بدرجة تفوق تناول التربْتوفان بمفرده، مع الاستيقاظ في اليوم التالي بمزاجٍ نشِط.
بالتوازي مع ذلك، هناك دراسات تؤكد إمكانيّة أن يساعد التربتوفان ونواتجه الأيضيّة (مستقلَبات) في التعامل مع المزيد من الأمراض والحدّ من التداعيات السلبية المرافقة لها، وهذه الأمراض تشمل:
- التوحد
- أمراض القلب والأوعية الدموية
- التصلب اللويحي (MS)
- أمراض الكلى
- مرض التهاب الأمعاء
- مرض كرون
لم ينتهِ دور التربتوفان بعد؛ حيث يمكن اعتماده أيضًا كوسيلة مساعدة في عملية تشخيص بعض الأمراض مثل: السّاد، سرطان القولون، سرطان الكلى، والفشل الكلوي. يتم خلالها استعمال خواص التربْتوفان الكيميائية والفيزيائية كعلامة بيولوجية تُظهر الفوارق بين الأنسجة السليمة وتلك المتضررة.
مصادر الحصول على التربتوفان
لكي تظفر بهذه الفوائد الكثيرة والقيّمة، عليك بالبحث عن المصادر التي تحتوي على مركب التربتوفان. لكنّا سهلنا عليك الأمر، وأعددنا لك قائمة بأبرز الأطعمة المكوَّنة من التربتوفان:
المادة الغذائية | مقدار التربتوفان (ملغرام) | الاحتياج اليومي% |
صدر دجاج نيء، للرطل (453 غرام) | 238 | %80 |
حليب كامل الدسم (250مل) | 732 | %242.9 |
خبز القمح (لكل شريحة) | 19 | %6.4 |
خبز أبيض (لكلّ شريحة) | 22 | %7.4 |
شوكولاته شبه حلوة (للأونصة ~ 31 غرام) | 18 | %6.1 |
التونة المعلبة (للأونصة) | 472 | %158.7 |
جبنة الشيدر (للأونصة) | 91 | %30.6 |
الفول السوداني (للأونصة) | 65 | %21.9 |
الشوفان (لكل كوب) | 147 | %49.4 |
موزة واحدة متوسطة الحجم | 11 | %3.7 |
بيضة واحدة كبيرة الحجم | 83 | %27.9 |
خوخ مجفف (حبة واحدة) | 2 | %0.67 |
بالإضافة لهذه المصادر الطبيعية، يتواجد التربْتوفان أيضًا على شكل مكمّل غذائي يسوَّق تحت اسم: Tryptophan,L-tryptophan,5-HTP. ولكن، إياك وتجربة هذه المكملات قبل استشارة الطبيب لِما قد يترتب عليها من تأثيرات جانبية (سنتطرق لها بعد قليل)؛ خاصة عند تداخل مكملات التربتوفان مع أدوية أخرى واحتمالية حدوث تفاعلات دوائية غير مرغوب بها.
تزداد ضرورة تناول التربْتوفان بالنسبة للأطفال الرضع حيث إنه يسهِم بتحقيق النمو الطبيعي لديهم، فتتراوح حاجتهم اليومية من التربتوفان بين 13 و17 ملليغرامًا لكل كيلوغرام من وزن الجسم.
الأعراض الجانبية للتربْتوفان
بجانب محاسنه العديدة، لا يخلو التربْتوفان من التأثيرات الجانبية التي قد تطال البعض أو الكثيرين. فقد يتسبب لك بحالة من الخمول والنعاس إذا لم يكن استخدامك له لغايات النوم.
مع ذلك، قد يؤدي تناول جرعة زائدة عن الاحتياج اليومي (245-350 ملغم) إلى أعراض أخرى تتمثل بالارتجاف والدوخة والغثيان. كما قد تحدث هذه الأعراض بشدة أكبر إذا تصاحب أخذ التربتوفان مع مضادات الاكتئاب المرتبطة بالسيروتونين؛ نظرًا لأنهما يشتركان برفع نسبة السيروتونين في الجهاز العصبي المركزي (الدماغ والحبل الشوكي)؛ مما يسبب تراكمًا خطيرًا للسيروتونين في المنطقة المذكورة.
محاذير استعمال مكملات التربتوفان
ثمة فئات مطالبة بأخذ الحيطة والحذر، قبل أخذ مكملات التربتوفان، وهي كالآتي:
• المصابون بحساسية التربتوفان: قبل أخذ مكملات التربْتوفان، تأكد أولا من عدم معاناتك من حساسية تجاه التربتوفان. إذا كان جسمك يُبدي ردود فعل تحسسية تجاه هذا المركب، فإنَّ تناولك لمكملاته قد يعرّضك لآثار جسدية تشبه الطفح الجلدي، والتورم، وصعوبة التنفس، والحكة.
• الحوامل: من جهة أخرى، تشير الأدلة إلى أنه من غير الآمن على الحامل تناولُ التربتوفان بكميات تتعدى المستويات الطبيعية الموجودة في الأطعمة؛ إذ قد يؤثر ذلك على سلامة جنينها.
• المرضعات: رغم قلة المعلومات التي تؤكد تأثير مكملات التربتوفان على عملية الرضاعة الطبيعية؛ ولكن تُوصى النساء المرضعات بالتقيُّد بالجرعة اليومية المحدَّدة من التربْتوفان دون تجاوزها.
○ عمِّم/ي الفائدة:
المراجع:
(1) Friedman, Mendel. “Analysis, nutrition, and health benefits of tryptophan.” International Journal of Tryptophan Research 11 (2018): 1178646918802282.
(2) Comai, Stefano, et al. “Tryptophan in health and disease.” Advances in clinical chemistry 95 (2020): 165-218.
(3) Soon, Chun Siong, et al. “Mulberry leaf extract combined with tryptophan improves sleep and post wake mood in adults with sleep complaints–A randomized cross-over study.” European Journal of Nutrition 64.3 (2025): 1-13.
(4) U.S. National Research Council. Recommended Dietary Allowances: 10th Edition, National Academies Press, 1989
(5) Exploring the tryptophan metabolic pathways in migraine-related mechanisms. Cells 11.23 (2022): 3795.
(6) Mann, George V., Stanley S. Kahn, and Fredrick J. Stare. “A study of the influence of DL-tryptophan upon blood sugar levels.” American Journal of Physiology-Legacy Content 158.1 (1949): 38-44.
(7) Richard, D. M., Dawes, M. A., Mathias, C. W., Acheson, A., Hill-Kapturczak, N., Dougherty, D. M., L-Tryptophan: Basic Metabolic Functions, Behavioral Research and Therapeutic Indications, International Journal of Tryptophan Research 2009;2:45–60
(8) Razeghi Jahromi S, Togha M, Ghorbani Z, et al. The association between dietary tryptophan intake and migraine. Neurol Sci. 2019;40:2349-55.