تساقط الشعر بغزارة هي مشكلة تعاني منها كثير من السيدات، وليست بمشكلة ظاهرية تؤثر على الشكل العام وحسب، وإنما تنضوي تحتها أمراض وحالات صحية جوهرية أيضًا.
في مقالنا هذا، نوضح أسباب تساقط الشعر عند النساء ما بين الطبيعية والخطيرة، كما نستعرض أنجع العلاجات المتاحة، وطرق العناية المثلى بالشعر.
دورة حياة الشعرة ووظائفها
قبل كل شيء، علينا أن نعرف أنَّ خسارة بعض من خصال الشعر يوميًا يرجع لدورة حياته الطبيعية، ويُعامَل فقدان الشعر كحالة عادية ما دام يحدث ضمن الحدود المعقولة.

من ناحية أخرى، علينا فهم أهمية الشعر لجسم الإنسان والمرأة تحديدًا. ذلك يزيد وعينا بضرورة الحفاظ على سلامة شَعرنا. وباختصار، هذه أهم وظائف شعر الرأس:
1. الحماية من الأشعة فوق البنفسجية والحروق والجروح والعدوى.
2. تنظيم درجة حرارة الجسم أكان ذلك بتوفيره عزلا حراريًا في الطقس البارد، أو بتسريعه تبخر العرق واحتفاظه برطوبة الجلد في الجو الحار.
3. تنشيط الوظيفة الحسية نظرًا لاتصال بصيلات الشعر بنهايات عصبية كثيرة.
4. يساهم شعر الرأس في تحفيز التفاعل الاجتماعي والجاذبية الجنسية.
5. تعزيز الثقة بالنفس والهوية والنظرة للذات من واقع ارتباط الشعر الكثيف بالأنوثة في بعض المجتمعات.
متى يصبح تساقط الشعر مؤرِّقا؟
ضمن الوضع الطبيعي، يفقد كل إنسان أنثى كانت أو ذكرًا، ما بين 50 – 100 شعرة كل يوم، وهو رقم ضئيل مقارنة بعدد بصيلات الشعر الموجودة بفروة الرأس والبالغة 100 ألف بصيلة شعر تقريبًا.
لذا، فإن تساقط هذا العدد القليل من الشعر مع استمرار دورة نمو الشعر، لا يمثل خسارة معتبرة ولا يدعونا للخوف. وهي خسارة بالكاد نلحظها على أمشاطنا أو ثيابنا أو على الأرض.
لكن، قد يلحظُ بعضنا أعدادًا أكبر من الشعر المتساقط، أو مساحات من الشعر الخفيف، أو فجوات من الصلع، أو توسع في الخط الأوسط من الشعر، أو الإحساس بتهيُّج في فروة الرأس. وعندئذٍ، يجب أخذ هذه الأعراض والتغيرات على محمل الجد والسعي الفوري لعلاجها.
أشكال تساقط الشعر
تأخذ حالات تساقط الشعر عند الإنسان 3 أنماطٍ مختلفة:
● الثعلبة الأندروجينية: يعتبر هذا النوع حالة وراثية تصيب كِلا الجنسين وتعدّ السبب الأكثر شيوعًا لتساقط الشعر عند السيدات، كما أنها تؤثر على مئات ملايين النساء حول العالم. يتسم هذا الشكل من تساقط الشعر بحدوث تقلص تدريجي في بُصيلات الشعر يوقِف نموها؛ خاصة في أعلى الرأس والجانبين مؤديًا لحدوث فراغات في هاتين المنطقتين.
● تساقط الشعر في طور النمو: ينشأ هذا النمط عن بعض العلاجات المعروفة بضررها على بصيلات الشعر؛ مثل العلاج الكيميائي والإشعاعي للسرطان. هنا، يتساقط الشعر خلال أسابيع قليلة منذ بدء تلقي العلاج؛ ثم يعاود الشعر نموه مجددًا بعد بضعة أشهر من اختتام الجَلسات.
● تساقط الشعر الكربي: يحصل عندما يصل عدد زائد من بصيلات الشعر إلى المرحلة الأخيرة من نمو الشعر (مرحلة الراحة) بشكل سابق لأوانه. يُعزى هذا النمط من تساقط الشعر إلى عدة أسباب، منها: بعض الأمراض والأدوية، التقلبات الهرمونية، الإجهاد النفسي والجسدي.
——- Ad ——-
——- Ad ——-
ما الأمراض المسببة لتساقط الشعر عند النساء؟
فيما يلي، قائمة بالأمراض المتورطة في تساقط الشعر لدى السيدات:
1. أمراض جلدية: وتشمل سعفة الرأس، الصدفية، التهاب الجلد الدهني، الثعلبة الندبية، والثعلبة البقعية (مرض مناعي ذاتي).
2. داء السكري: قد تؤدي تقلبات مستوى السكر والأعراض الأخرى المصاحبة إلى هشاشة الشعر وبالتالي وقوعه. بتفصيل أوسع، قد يضرّ الارتفاع المزمن في مستوى السكر الأوعيةَ الدموية الدقيقة التي تغذي بصيلات الشعر؛ مما يضعف الشعر ويحد من نموه.
3. فقر الدم (أنيميا): من الأعراض الرئيسية لفقر الدم هو تساقط الشعر؛ خصوصًا عند السيدات. ينجُم ذلك عن قلة خلايا الدم الحمراء الواصلة لبصيلات الشعر وتزويدها بالأكسجين والمغذيات.
4. مشاكل الغدة الدرقية: لهذه الغدّة دورٌ بارز في تنظيم نمو الشعر، وقد تتضرر تركيبة الشعر إذا اختل توازن هرمونات الغدة الدُّرقية؛ سواءً بتصاعُد مستواها أو تناقصه.
5. أزمات نفسية كالقلق والاكتئاب: العامل المشترك في هذه الاضطرابات هو التوتر والإجهاد. وكما ذكرنا آنفًا، هي أعراض تعمل على تساقط الشعر. وقد يكون التوتر نفسه أثرًا مرافقًا لتساقط الشعر، ما يضع المريضة في حلقة مفرغة من الأمرين.
6. متلازمة تكيس المبايض: وهو اضطراب هرموني ناجم عن تزايد نشاط هرمون الذكورة (الأندروجين) لدى المرأة، الأمر الذي يسفر عن تساقط في الشعر خاصة في مقدمة الرأس.
أسباب أخرى شائعة لتساقط الشعر عند النساء
في الوقت عينه، ثمة سلوكيات وعادات وظروف تقع بها المرأة وتؤدي لفقدان الشعر، منها:
● التدخين: تساقط الشعر هو تهمة أخرى تُنسب للسجائر، إذ يُسهِم التبغ بإلحاق الضرر ببصيلات الشعر ويعيق سريان الدم نحو فروة الرأس.
● الحمل والإنجاب: هنا، تعمل التغيرات الهرمونية السائدة على تساقط الشعر بغزارة، بخاصة فترة ما بعد الولادة وتستمر لغاية 6 أشهر.
● التغذية غير الصحية: بطبيعة الحال، حين لا ينال الشعر كفايته من العناصر الغذائية اللازمة، فإن بُنية الشعر تتآكل وتضعُف. أبرز العناصر الهامة لصحة الشعر تشمل فيتامين أ، الحديد، الزنك، وفيتامينات بي (خاصة B7 وB12).
● إساءة الاهتمام بالشعر: قد يتم ذلك بتصفيف الشعر بطريقة عنيفة تتضمن استخدام الحرارة الزائدة، أو سحب الشعر بقسوة، وترتبط هذه الممارسة بحالة تدعى “ثعلبة الشد”.
عوامل الخطر:
- الشيخوخة.
- انقطاع الطمث.
- العلاج الكيميائي والإشعاعي.
- وجود تاريخ عائلي من المعاناة من تساقط الشعر.
كيف يتم تشخيص حالة تساقط الشعر؟
إذا وجدتِ أن فقدانك للشعر يخرج عن النطاق الطبيعي، فعليكِ حالا بمراجعة طبيب جلدية للوقوف على الحالة وتشخيصها. هناك فحوص عديدة يجري بها تقييم حالة تساقط الشعر:
● اختبار السحب: يقوم الطبيب بجذب حزمة صغيرة من حوالي 60 شعرة؛ لقياس مقدار تساقط الشعر. إذا تم سحب أكثر من 10% من الشعر المجذوب؛ أي قرابة 6 شعرات أو أكثر، فهذا يدل على إيجابية الحالة ومعاناتك من تساقط الشعر المَرضي.
● اختبار الغسيل الموحد: في هذا الاختبار، يطلب من المريضة عدم غسل شعرها بالشامبو لمدة 5 أيام متتالية. وعقب ذلك، عليها بغسله وشطفه بماء دافئ داخل حوض ذو منفذ تصريف مغطى بالشاش. ثم يتوجب نقل الشعرات المتساقطة مع الشاش، وإرسالها للفحص لحساب عددها وطولها وتحديد نمط تساقط الشعر.
● تحاليل الدم: الهدف من هذا الاختبار هو التأكد من خلو المريضة من أي حالات صحية يمكن أن تؤدي إلى تساقط الشعر مثل اضطرابات الغدة الدرقية. كما يمكن توظيف هذا الاختبار في تحديد مستويات العناصر الغذائية الأساسية لصحة الشعر كالحديد والزنك وغيرهما.
● فحص تريكوغرام: يُستخدم هذا الاختبار لتقييم حالة الشعر من جذوره، وهو وسيلة مجهرية شبه تدخليّة يجري بها نتف مجموعة من الشعر (60 – 80 شعرة) من مكانين مختلفين من فروة الرأس. يتم اقتلاع الشعرات المطلوبة بواسطة مِلقط؛ ثم توضع فورًا على شريحة زجاجية تحت مجهر أو عدسة مكبرة؛ لتتم دراسة نسبة الشعرات في كل طور من أطوار دورة نمو الشعر.
● تصوير الجلد بالفيديو: تقنية متبعة في تشخيص الآفات الصبغية، واستُخدمت حديثًا ضمن فحوصات الشعر. قدَّمت هذه الأداة نتائج دقيقة في تصوير فروة الرأس والشعر، وتعمقت حتى جذع الشعرة في الجريب (إن وُجد) بحيث تُظهر قطره وطوله وأي اختلالات كامنة فيه.
● خزعة فروة الرأس: وهو إجراء تشخيصي يتم فيه نزع عينات من الجلد، يلجأ إليه الطبيب في الحالات الغامضة، تحديدًا عند الحاجة للتفريق بين الثعلبة الندبية وغير الندبية.
——- Ad ——-
——- Ad ——-
ما علاج تساقط الشعر؟
الأمر المفرح هو وجود تشكيلة من العلاجات المبتكرة لتساقط الشعر. وبناءً على السبب، يكون نوع العلاج:
1. الأدوية
● مينوكسيديل (روجين): وهو محلول دوائي يُطبَّق مباشرة على فروة الرأس، ومَهمته فتح قنوات البوتاسيوم في الخلايا؛ مما ينتُج عنه توسُّع في الأوعية الدموية، وخلق بيئة ملائمة لبصيلات الشعر للنمو أثناء مرحلة التنامي من دورة الشعر. وهو في الحقيقة علاجٌ فعال للجنسين على حد سواء، ولدى النساء يُعتمد في علاج الصلع الوراثي (الثعلبة الأندروجينية). لا يحتاج هذا الدواء لوصفة طبية، وتتوفر المادة الفعالة بتركيزين هما 2% و5%.
● أدوية فموية موصوفة طبيًا: تتفرع هذه الأدوية إلى كل من: البروستاجلاندينات، السبيرونولاكتون، الكيتوكونازول، الميلاتونين، والفيناسترايد. ولكن هذا الأخير مفعوله ضعيف ولم يحظَ بمواقفة إدارة الغذاء والدواء الأمريكية بالنسبة للنساء، ويُحظر على السيدات الحوامل والمرضعات تناول الفيناسترايد؛ لخطره على تطور الجنين الذكر وسماته الجنسية الذكرية.
2. الوخز بالإبر الدقيقة
هي عملية جلدية طفيفة التوغل، يستعمل فيها الأخصائي إبرًا رفيعة جدًا لثقب فروة الشعر، ويتم دمج هذا الإجراء مع علاجات مساعدة في نمو الشعر مثل المينوكيسيدل، والبلازما الغنية بالصفائح الدموية (PRP)، وكريمات الكورتيزون. بالتالي، تحفز هذه العملية من إنتاج الكولاجين في فروة الرأس وتعزز من تجدد الأوعية الدموية، وتنشّط تدفق الدم للجزء المصاب.
3. زراعة الشعر
زراعة الشعر ليست توجهًا يتّبعه الرجال وحدهم؛ بل تسلكه النساء أيضًا في حالات الإصابة بتساقط الشعر. تعدّ زراعة الشعر خيارًا متاحًا للمريضات فوق 25 عامًا ممن يعانين من تساقط الشعر الشديد، ولم تجدِ معهن العلاجات الدوائية. يُشترَط بالنساء الراغبات بإجراء العملية، امتلاك شعر كثيف في منطقة المتبرع (الجزء القذالي).
أشهر تقنيات زراعة شعر هي تقنية استخراج الوحدات الجريبية (FUE)، وفيها يتم حلق المنطقة المانحة في الجزء الخلفي من الرأس (المنطقة القذالية)؛ ثم عمل شق دائري حول بصيلات الشعر بواسطة مِثقاب لفصلها عن أنسجتها، ليتسنى بعد ذلك قطفها باستعمال ملقط كلٌّ على حِدى وحفظها بمحلول خاص تمهيدًا لزراعتها. وبعد تجميعها، يتم نقل البصيلات المقطوفة إلى المناطق المستقبِلة (الصلعاء).
يُذكر أن العملية تُجرى تحت التخدير الموضعي لفروة الرأس. وفي الجلسة الواحدة من زراعة الشعر، يتم غرس مئات إلى بضعة آلاف من الطعوم (يتكون كل طُعم من 1 إلى 4 شعرات).

4. العلاجات الضوئية
وتضم العلاج بالليزر منخفض المستوى، الذي يهدف إلى تحفيز نمو الشعر وزيادة كثافته. ورغم الجدل بشأن فعاليته في معالجة تساقط الشعر، فقد تمّ طرح عدة أشكال لجهاز العلاج بالليزر في السوق؛ منها المِشط، الخوذة، والقلنسوة.
كيف أعتني بشعري وأقيه من التساقط؟
للعناية بشعركِ ومنعه من السقوط، عليكِ بمنح شعرك نمط حياةٍ صحيّ. وهنا، ننصحكِ بتطبيق التعليمات الصحية الآتية:
● اتباع نظام غذائي متوازن: احرصي على تناول الأطعمة الغنية بالبروتين (كالدجاج، والسمك، والبيض) فالشعر مكوَّن أساسًا من البروتين. كما عليكِ بمصادر الحديد (كالسبانخ، والمعكرونة، والكَبد)، بالإضافة لتناول الأصناف الحاوية على العناصر الأخرى الصديقة للشعر مثل البيوتين، فيتامين دال، وفيتامين أ (⚠️ الإفراط بتناول فيتامين أ قد يؤدي للتسمم).
● استخدمي المستحضرات المناسبة لنوع شعرك: اختاري شامبو وبلسم مناسبَين لطبيعة شعرك وفروة رأسك، وواظبي على غسل شعرك مرتين إلى 3 مرات كل أسبوع بماء فاتر. وقد تفضل بعض أنواع الشعر المنتجات الخالية من الكبريتات والسيليكونات.
● صففي شعرك بلُطف: تجنبي التسريحات الضاغطة مثل الضفائر المشدودة، أو الكعكة الضيقة، أو ذيل الحصان المرتفع جدًا التي قد تفضي لتساقط الشعر. وبدلا منها، اختاري تسريحات مريحة وآمنة خالية من الشد المُحكَم.
● أديري توترك برِفق: كما ذكرنا سابقًا، التوتر شريك في معاناة السيدات من تساقط الشعر. بالتالي، يصبح لزامًا عليكِ التحكم بمشاعر التوتر والإجهاد. وبخصوص ذلك، مارسي التمارين الرياضية وتقنيات الاسترخاء (كاليوغا)، وامضِ ساعات النهار والليل بشرب الكمية الموصاة من الماء لترطيب الجسم وخلايا الشعر. واختمي يومك بالنوم في موعد محدد ومبكر، والتنعُّم بـ 7-8 ساعات من الراحة وفرصة تجدُّد خلايا الجسم.
خلاصة
الشعر ليس دلالة جمالية فقط؛ إنما أيضًا دلالة على صحتنا العامة وتمتعنا بجسمٍ سليم نقيّ من الأمراض، كما أن الشعر المتألق هو نتاج ممارسة العادات الإيجابية لصحة الشعر وديمومته. ومع سيرنا على طرق العناية بالشعر، يمكننا التحلي بخصالٍ حميدة والتباهي بشعرٍ لا يشوبه أي ضرر.
المراجع:
(1) Fabbrocini, G., Cantelli, M., Masarà, A., Annunziata, M. C., Marasca, C., & Cacciapuoti, S. (2018). Female pattern hair loss: A clinical, pathophysiologic, and therapeutic review. International journal of women’s dermatology, 4(4), 203–211.
(2) Kelly Bilodeau (2024), Thinning hair in women: Why it happens and what helps, Harvard Health Publishing. Retrieved on 3 July, 2025
(3) What causes female hair loss? (2023), UCLA Health, Retrieved on 3 July, 2025
(4) Can Infections Cause Hair Loss? (2025), Can Infections Cause Hair Loss?, WebMD, Retrieved on 3 July, 2025
(5) Hair loss, NHS, Retrieved on 3 July, 2025