الرعاية في نهاية الحياة: تعريفها، والفئات المستهدفة، وطرق تقديمها

امرأة خلال تقديمها رعاية نهاية الحياة لوالدتها

حين تقترب رحلة الحياة من محطتها الأخيرة، يصبح لكل لحظة معنى، ولكل نفس قيمة. هنا، تتجلّى أهمية الرعاية في نهاية الحياة، التي لا يقتصر دورها على تخفيف الألم الجسدي للشخص المحتضر؛ بل تمتد أيضًا إلى دعم الحالة النفسية، وتصل إلى مساندة الأهل والمحبّين، بما يضمن مضيّ الأيام المتبقية بطمأنينة وسلام.

ما هي الرعاية في نهاية الحياة، من يقدمها ومتى تبدأ؟

الرعاية في نهاية الحياة (End-of-life care) هي نوع من الرعاية المقدمة للمرضى الذين يعيشون الأشهر أو السنوات القليلة الأخيرة من حياتهم بعد استنفاذهم سبل الشفاء. وعادة ممن يُتوقع وفاتهم في غضون الـ 12 شهرًا المقبلة؛ على الرغم من صعوبة التنبؤ بذلك بشكل مسبق دائمًا. وينطبق ذلك على الأشخاص الذين:

  • يعانون من مرض مستعصٍ أو في مراحله المتقدمة أو غير قابل للشفاء؛ مثل السرطان، باركنسون، الخرف، أو أحد أمراض العصبون الحركي.
  • يعانون من ضعف عام ولديهم حالات متزامنة تشير إلى قرب وفاتهم في غضون 12 شهرًا.
  • لديهم حالات مزمنة سابقة ومعرضون للوفاة بسبب مضاعفات مفاجئة في حالتهم.
  • يعانون من حالة خطيرة مهددة للحياة ناجمة عن واقعة كارثية مفاجئة، مثل حادث سير أو سكتة دماغية.

تهدف هذه الرعاية إلى توفير أفضل مستوى ممكن من الراحة والجودة لحياة المريض حتى وفاته، مع ضمان الحفاظ على كرامته. حيث يلبي مقدمو الرعاية رغبات المريض وتفضيلاته ومراعاتها بحرص عند وضع خطة الرعاية. إلى جانب تقديم الدعم اللازم لعائلته والقائمين منهم على رعايته، أو أي أشخاص آخرين مهمين في حياته. 

وعليه، يتم تخيير المريض حول المكان الذي يفضل تلقي الرعاية داخله، والمكان الذي يود الوفاة فيه؛ سواء أكان المنزل، أو دار رعاية المسنين، أو المستشفى، أو مأوى رعاية المحتضرين (Hospice).

وبحسب المكان الذي اختاره المريض، يشرف على رعايته عدد متنوع من المختصين في المجالات الصحية وغيرها، ويشمل:

  • أطباء وممرضو المشفى
  • ممرضو المجتمع، والطبيب العام (للرعاية المنزلية)
  • موظفو الرعاية التلطيفية
  • موظفو الرعاية الاجتماعية
  • رجال الدين (تبعًا لطائفة المريض)
  • أخصائيو العلاج الطبيعي
  • أخصائيو العِلاج المهني
  • المعالجون التكميليون

تبدأ خطة رعاية نهاية الحياة عندما يتضح أن المريض بات بحاجتها، وقد تدوم لأيام أو أشهر، وقد تصل لأكثر من عام.

الفرق بين الرعاية التلطيفية والرعاية في نهاية الحياة 

غالبًا ما يُستخدم مُصطلحا الرعاية التلطيفية، ورعاية نهاية الحياة بالتبادل؛ ولكنهما ليسا متطابقين في المعنى. رعاية نهاية الحياة هي مجرد جزء من الرعاية التلطيفية وتكمن في المرحلة الأخيرة من الرعاية التلطيفية المقدمة للمريض. وتهدف إلى جعلك مرتاحًا قدر الإمكان من خلال التحكم بالألم والأعراض المزعجة الأخرى. 

ويمتد دور الرعاية النهائية إلى تقديم الدعم النفسي، والاجتماعي، والروحي لك ولعائلتك. ولذلك يُطلق على هذا النهج اسم النهج الشمولي، لأنه يتعامل معك كشخص كامل، وليس فقط مع مرضك أو أعراضك. 

تعتبر رعاية نهاية الحياة جزءًا من منظومة أكبر هي الرعاية التلطيفية. تعرِّف منظمة الصحة العالمية الرعاية التلطيفيّة بأنها الوقاية من المعاناة وتخفيفها لدى المرضى البالغين والأطفال وعائلاتهم الذين يواجهون مشكلات مرتبطة بأمراض تهدد الحياة. تشمل هذه المشكلات المعاناة الجسدية والنفسية والاجتماعية والروحية للمرضى وأفراد الأسرة على حدٍّ سواء.

متطلبات الرعاية في نهاية الحياة

قد تتغير احتياجات الشخص المحتضر مع اقتراب نهاية حياته. تشمل هذه الاحتياجات الرعاية الجسدية والعاطفية والنفسية والرُّوحية.

1. الرعاية الجسدية

إدارة ألم المريض: من الطبيعي أن يشعر الشخص بالألم والضيق خلال لحظاتٍ هي الأخيرة من حياته. وبالنظر لمصدر الألم والضيق، تكون الطرائق والأساليب التي ينبغي على الأهل ومقدمو الرعاية الصحية القيام بها لتزويد المريض براحة مُضافة.

ولمعرفة مكمن الألم ومداه، يتوجب على المحيطين بالمريض الانتباه لأي مؤشرات تدل على معاناته؛ مثل تقطيب الجبين (تعابير وجه متألمة) أو البكاء أو العصبية أو التأوه أو صعوبة النوم. وهنا، يمكن إعطاؤه الأدوية والعلاجات المناسبة والموصوفة كمُسكنات الألم. أو استشارة الطبيب المختص بهذا الصدد.

مع ذلك، يلزم مراقبة حرارة المريض والالتفات للعلامات الجسدية التي تُنبئ بشعوره بالبرد أو الحر؛ كالتعرق من جهة، والارتعاش من جهة أخرى. يمكنك أيضًا لمس جبين المريض أو يده؛ ثم موازنة حرارته وفق النتيجة المرصودة باستخدام وسيلة التكييف الملائمة. 

توفير بيئة مريحة ونظيفة للمريض: بما في ذلك تعديلات على السرير أو وضعيات الجلوس والاستلقاء؛ لتجنيبهِ تقرحات الفراش وتشنجات العضلات المؤلمة. ومن ناحية أخرى، تحسين نقاوة الهواء في الغرفة إذا كان المريض يعاني من مشاكل تنفسية، وذلك عبر فتح النوافذ في الأجواء التي تكون صافية وغير مغبرّة، مع إمكانية استعمال جهاز الترطيب أو جهاز تنقية الهواء (Air purifier).

مساعدة المريض في الأنشطة اليومية: من قبيل الأكل والشرب والنظافة الشخصية. يشمل ذلك تخصيص مرحاض متنقل للمريض بالقرب من سريره لإراحته من عناء السير إلى الحمام؛ نظرًا لمرور الشخص بفترة حرجة غالبًا ما يعاني فيها من الإرهاق ونقص الطاقة.

رسم يوضح أشكال المساعدة الممكن تقديمها لمرضى الرعاية النهائية

2. الدعم العاطفي والنفسي

الاستماع إلى مخاوف المريض وطمأنته: إذا كان المريض يعاني من الاكتئاب أو القلق، فهو بحاجة لمن يتحدث لهم عن مخاوفه وهواجسه. قد يتم ذلك بواسطة ذويه ومساندتهم النفسية له، وقد يتم أيضًا عبر أخصائي نفسي يشجع المريض على البوح بمخاوفه ومشاعره ويُبادله بالطمأنة والتهدئة.

التواصل المستمر مع المريض: كما ورد في النقطة السابقة، قد يعاني الشخص المحتضر من حالة من الخوف؛ لذا يجب البقاء على مقربة منه وعدم تعريضه للوِحدة التي قد تزيد من مخاوفه. بالتالي، احرص على التواصل المستمر مع مريضك وعزز من تواصلك معه. قم بالتواصل الجسدي معه بمعانقته أو إمساك يديه، كما جرّب التحاور معه حول مواضيع سارّة ومريحة إذا بدا لك أنه يفهمُك. وإنْ كان قادرًا على الخروج، حاول اصطحابه في نزهة قصيرة إلى حديقة عامة أو إلى الطبيعة أو ما شابه ذلك.

مقدِّمة رعاية صحية ترافق مريضًا في جولة في محيط مركز للرعاية في نهاية الحياة
مقدِّمة رعاية صحية ترافق مريضًا بجولة في محيط مركز رعاية

3. الدعم الروحي

توفير الفرصة لممارسة الطقوس الدينية: قد لا توجد مرحلة في حياة المرء يكون أحوج فيها لممارسة العبادات كالمرحلة الأخيرة من حياته. وحينئذٍ، قد تتفوق احتياجاته الروحية على احتياجاته الجسدية. هنا، يكون من واجب أسرة المريض تهيئة الظروف المساعدة له لتلبية رغباته الرُوحية بالكامل. 

وبصفتك راعيًا له، وفر إلى جانب المريض نسخة من القرآن الكريم أو الكتاب المقدس ليقرأها ويستكين بوجودها، كما رافقه إلى دار العبادة إذا كان متمكنًا من المشي أو استعِن بكرسي متحرك لهذا الغرض. وأثناء ذلك، اجمعه بإمام المسجد أو قِس الكنيسة ومكّنه من التحدث معه. سيجد في كل هذه الأساليب عزاءً ومواساة لحالته.

إنهاء الخلافات وتحسين العلاقات: في هذه الفترة من حياته، قد يبحث الشخص المحتضر عن تحقيق إحساسٍ بالراحة عبر مسامحة من أخطأوا بحقه، أو طلب الصفح ممن أخطأ هو بحقهم. ومن هنا، ينبغي أن يبادر الأقرباء والأصدقاء بالتواصل مع المريض وضمان التصالح معه وحل كافة الخلافات العالقة.

أساليب أخرى: 

  • استرجاع الذكريات واللحظات السعيدة مع الشخص المحتضر؛ كاطلاعه على مقاطع مصورة قديمة، أو أرشيف من الصور الشخصية.
  • استخدام كلمات هادئة ولطيفة وإظهار التعاطف مع المريض.
  • احترام صمته إذا كان لا يرغب في التحدث، والحضور حينما يكون مستعدًا للحوار.
  • الالتزام بلغة جسد مريحة أمام الشخص المحتضِر.

4. دعم العائلة

ليس المريض وحده من يمر بهذه المحنة؛ وإنما أيضًا يشاركه تلك المحنة أفراد عائلته وخاصة المكلفون برعايته. بالتالي، لا بدّ وأن يتم شملهم بخطة الرعاية النهائية. ومن الطرق التي يمكن دعمهم بها:

الاستماع الفعّال إليهم من طرف الفريق الطبي. يساهم ذلك في تخفيف الضغوط الملقاة عليهم وإيجاد حلول صحية.

تقليل القلق والشكوك التي تنتاب الأهل عن طريق توفير معلومات واضحة حول حالة مريضهم والتطورات المحتملة.

حثهم على الانفتاح على مصادر الدعم مثل مجموعات الدّعم النفسي أو الاستشارات بمختلف أشكالها.

5. الإعداد للوفاة

في نفس الوقت، يجب التحقق مما إذا كان المريض قد عبّر عن رغباته مسبقا فيما يتعلق بالرعاية في نهاية الحياة، مثل وجود وصية رسمية، أو ديون عالِقة ينبغي تسويتها أو تسديدها من تركته، أو ما إذا كان قد أفصح عن تفضيلات معينة بخصوص مراسم الجنازة أو موقع الدفن.

أين تتواجد مراكز الرعاية النهائية والتلطيفية في الأردن؟

جمعية مؤسسة الملاذ للرعاية الإنسانية – تلاع العلي

الموقع


مركز الحسين للسرطان – الجبيهة

الموقع


الجمعية الأردنية للرعاية التلطيفية – الجبيهة

الموقع


للباحثين عن خدمات رعاية نهاية الحياة من دول أخرى، يمكنك الاتصال بالطبيب المشرف واستشارته حول جدوى الرعاية النهائية في المرحلة الصحية الراهنة؛ ثم الاستعلام عن أماكن تلقي هذه الخدمة. كما يمكنك استعمال محركات البحث بكلمات دقيقة مثل “مراكز الرعاية التلطيفية” للوصول إلى الجهات المختصة.

○ عمِّم/ي الفائدة:


المراجع:

(1) Providing Care and Comfort at the End of Life,  National Institutes of Health, Retrieved on the 3 April

(2) What end of life care involves, National Health Service, Retrieved on the 3 April

(3) Smith, Zenya. The 5 stages of palliative care, Elder agency, Retrieved on the 3 April

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top