الحمل مرحلة حسّاسة للغاية من حياتك وتستدعي منك التركيز الشديد لمدة تناهز التسعة شهور؛ التركيز في السلوكيات التي تتبعينها، وفي الأطعمة التي تتناوليها، وفي البيئات التي تتعرضين إليها؛ حتى تمضي تلك الـ 270 يومًا على خير ما يرام.
إنَّ الحصول على طفل يُعتبر أمرًا بالغ الروعة، ويستحق من الأم بذل ما بوسعها لمعايشة آلام الحمل، ويستحق منها أيضًا القيام بمسؤولياتها تجاه نفسها وتجاه جنينها، باتّباعها للنصائح والإرشادات الطبية التي تعود عليها وعلى مولودها بالنفع الدائم، وتحدّ بدورها من الآلام، أو تمنعها من التفاقم على الأقل. وسواء كنتِ بحامل أم لا، فتلك النصائح ستكون مفيدة لكِ أيضًا إذا ما قررت يومًا الحمل والإنجاب. وحتى ذلك الحين احملي معك هذه النصائح.
أعراض الحمل
قبل أن نتعرف على النصائح الخاصة بفترة الحمل، لنستحضر أهم التغيرات والأعراض التي تطرأ على المرأة خلال حملها لزيادة الوعي بأهمية النصائح المقدمة. ومن هذه الأعراض:
- انتفاخ الثديين مصحوبًا بألم
- إرهاق
- كآبة وتقلب المزاج
- تشنجات عضلية
- تقلصات في الرحم
- إمساك
- بواسير
- آلام في الظهر
- ضيق تنفس
- ارتفاع مستويات السكر في الدم
- تشققات جلدية
والآن ما هي نصائح الحمل؟
وتاليًا مجموعة الإرشادات والنصائح التي لها دور في تقليل آثار الحمل، وهي مقسمة ضمن ثلاثة محاور:
أولًا: السلوكيات
ثمة مجموعة من السلوكيات والعادات ينبغي عليك الالتزام بها خلال الحمل، وهي:
1. النشاط البدني
من الممكن للحامل ممارسة الرياضة، بل من الواجب عليها ذلك. الرياضة تساعد الحامل على الحد من ارتفاع الوزن المرافق للحمل، والتخفيف من التشنجات والآلام العضلية والانتفاخات، ثم إنها تساعدها على تفادي خطر الإصابة بسكري الحمل. وعلاوة على ذلك، فيمكن للرياضة تقليل احتمال الإصابة باكتئاب ما بعد الولادة، عدا عن أنها تحميها من التعرض لارتفاع ضغط الدم وقت حملها، والمضاعفات التي قد تؤثر عليها وعلى جنينها.
وبالتالي، تُنصح النساء الحوامل بممارسة أنشطة رياضية خفيفة إلى معتدلة الشدة، بواقع 150 دقيقة أسبوعيًا؛ تتضمن نشاطًا هوائيًا معتدلًا مثل المشي أو المشي السريع، بحيث تستهدف الأنشطة القلب والصدر والظهر والساقين بما يرفع من وتيرة التنفس وضربات القلب، ويقوي العمود الفقري والقدرة على الحركة.
2. تجنبي رفع الأشياء
تذكري أن الأنشطة المسموح لك بممارستها هي أنشطة متوسطة الدرجة؛ أي أنك مطالبة بعدم رفع الأشياء الثقيلة وعدم حمل الأوزان العالية والتركيز على حمل طفلك وحده في هذه الأوقات، مع الركون للراحة معظم الأحيان.
3. فكري بإيجابية
ابتعدي عن الأفكار السلبية وحرري نفسك من أي ضغط. وفي إطار ذلك، أخرجي في نزهة بين الحين والآخر، مارسي تمارين اليوغا في المنزل أو في النادي، عرِّضي نفسك لأشعة الشمس الجميلة، كما حافظي على إنخراطك في الجلسات والنقاشات الاجتماعية. وفي تلك الأثناء تذكري أكثر الأمور إيجابية وهو قدوم طفل على الطريق.
4. ارتدي ملابس ملائمة
اختاري على الدوام ملابس مريحة تناسبك جيدًا وتحمي ثدييك وتدعم قِوامك الجديد. وبالنظر لأن درجة حرارة جسم المرأة ترتفع مع الحمل، فيجب أن تكون ملابسك رقيقة ومَسامية، وأن تكون أيضًا قطنية آمنة على الجلد، ومرنةً قابلة للتمدد فلا تعيق عمل الدورة الدموية. كما يتوجب عليكِ عدم انتعال الأحذية ذات الكعب العالي لتشكيلها ضغطًا على الظهر والمفاصل، والاستعاضة عنها بالأحذية الرياضية.
5. تنعمي بقسط وافر من النوم
في نهاية اليوم، أنت مطالبة بالنوم وأخذ قسط كافٍ منه لإعادة إنعاش جسدك بعد يومٍ عصيب، فلا تقل عدد ساعات نومك عن 8 ساعات، إضافة لـ 30 دقيقة من القيلولة كل يوم. في حال كان حجم الجنين كبيرًا، يوصى بعدم النوم على الظهر، واستبدالها بوضعية النوم على الجانب، والأيسر منه تحديدًا، ويتمثل ذلك بأن تضعي وسادة تحت بطنك أو بين قدميك، مع وضع لُفافة تحت الجزء السفلي من ظهرك للحفاظ على استقامة العمود الفقري.
ثانيًا: الغذاء
عليكِ الآن وخلال الأشهر القادمة، بالسير على نظام غذائي خاص مكوَّن من جملةٍ من الأطعمة والمشروبات، التي يجب أن تحتوي على أهم العناصر الغذائية للحامل. يتقدّمها بالطبع فيتامين b9 (حمض الفوليك)، بالإضافة للحديد والكالسيوم وفيتامين د واليود. تتواجد هذه العناصر وغيرها ضمن الأغذية التالية:
1. الخضروات والفواكه
تحتوي الفاكهة والخضار على تشكيلة واسعة من الفيتامينات والمعادن النافعة لعملية الحمل؛ وأهمها الحديد الأساسيّ لنمو الطفل والذي يحمي من خطر إصابة الأم بفقر الدم. يوصى بإدخال الحديد إلى نظامك الغذائي بصورة مكملات. يوجد الحديد أساسًا في الخضراوات مثل السبانخ والجرجير والفول والفاصولياء بأنواعها، بينما تحتوي الفواكه على فيتامين سي المهم لتعزيز نمو الأسنان والعظام والتئام الجروح، ومن أمثلتها: الكيوي والبرتقال والفراولة والتوت.
2. الحبوب الكاملة
مثل الأرز البني والبرغل ودقيق الشوفان وخبز القمح الكامل. توفر جميعها كميات عالية من الألياف الغذائية التي تدعم عملية الهضم لدى الحامل مع انخفاض نطاق حركتها، إلى جانب توفيرها لفيتامين ب9 الذي يحمي الطفل من التشوّهات والعيوب الخلقية في الدماغ والعمود الفقري. كما يوصى باعتماد فيتامين b9 على شكل مكملات غذائية طوال هذه المدة.
3. الأطعمة الغنية بالبروتينات
يفيد البروتين في النمو الطبيعي للجنين وتصنيع الأنسجة والهرمونات والإنزيمات لديه. من أمثلة الأطعمة المكوَّنة من البروتين: الدواجن والأسماك واللحوم الحمراء والبيض. وبالحديث عن هذه الأطعمة، فهي تحتوي كذلك على فيتامين ب12 الذي يشيع نقصه عند الأم الحامل.
4. الحليب ومنتجات الألبان
تزخر هذه المواد الغذائية بعنصر الكالسيوم المهم لتطور الجنين وصحة عظامه، وأيضًا صحة عظام أمه ومساعدتها على الحركة والتنقل.
5. مصادر فيتامين د
من جانبه، يعدّ فيتامين د ضرورةً كبيرة في الحفاظ على معدل ضغط الدم للحامل، وتعزيز وظائف الدماغ وتقوية المناعة. ومع ذلك، يؤدي نقص الفيتامين إلى اختلال في نمو العظام لدى الطفل. يتوفر فيتامين د على شكل مكملات غذائية، كما يوجد في المأكولات مثل السردين والبيض والحليب، ويمكن أيضًا الحصول عليه بالتعرض المباشر لأشعة الشمس.
6. اليود
أضيفي بعض الملح المدعّم باليود لأيٍّ من تلك الأطعمة. اليود هو عنصر رئيسي بإنتاج هرمونات الغدة الدرقية للأم وجنينها في شهوره الثلاثة الأولى، والتي تساهم بتنظيم نمو الدماغ والأعصاب. كما يمكن أن تضمن بعض الأغذية اليود في داخلها؛ كالبيض ولبن الزبادي والدجاج، والأسماك شريطة أن تكون منخفضة الزئبق.
ما هي العناصر التي عليّ تفاديها خلال الحمل؟
وبموازاة اتّباعك للعناصر الغذائية سالفة الذكر، عليك بتجنُّب أو التقليل من عناصر أخرى مثل:
- الكافيين: من المستحسن الابتعاد عنه أثناء الحمل. إذا كنتِ تحبين شرب الشاي أو القهوة، فحاولي اختيار الأنواع منزوعة الكافيين، أو قللي من استهلاكك للمشروبات الغنية به إلى حدود النصف من الاحتياج اليومي الطبيعي من مادة الكافيين.
- السكر: تحتاج الحامل للكثير من السعرات الحرارية في هذه الفترة، وقد تتجه نحو تحصيل هذه السعرات عن طريق السكر؛ ولكن يجب ألّا يشكّل السكر أكثر من 5% من مجموع السعرات الحرارية المتناوَلة، بما لا يتعدى 25 جرامًا في اليوم، أما باقي السعرات الحرارية فينبغي تعويضها عبر الطعام.
- الأطعمة المحتوية على البكتيريا: والتي قد تضر بصحة الجنين؛ مثل الحليب الخام غير المبستر ومشتقاته، أو اللحوم النيئة أو تلك غير المطبوخة جيدًا.
- مادة الزئبق: والموجودة في الأسماك، إذ يجب على الحامل الحد من تناول الأصناف الوفيرة بمادة الزئبق لضررها على نمو الجنين؛ مثل الماكريل والتونة والقاروص. وفيما بعد، عدم إطعام الطفل السمك في شهوره الستة الأولى لاحتوائه على درجة من المادة نفسها.
- أي مواد ليست غذاءً في أصلها؛ لكن قد تشتهيها المرأة الحامل كمسحوق الغسيل أو معجون الأسنان أو التراب أو الرماد. ولذلك، يوصى بمراجعة الطبيب في حال شعرتِ برغبة مشابهة.
عادات الحمل الغذائية
1. ابتعدي قبل كل شيء عن محاولة القيام بحِمية أثناء حملك؛ فذلك يعيقك وطفلك عن الحصول على المغذيات اللازمة.
2. قومي بغسل الخضار والفواكه بعناية.
3. كما احرصي على طهي الطعام بشكل مناسب.
4. املئي طبقك اليومي بحزمة متنوعة من الأطعمة تشمل اللحوم والخضروات والفواكه والمكسرات.
5. الإكثار من شرب الماء.
6. عدم الإفراط في تناول الأطعمة الغنية بفيتامين أ؛ لأنَّ ذلك قد يضر بالجنين.
7. الاعتدال في تناول الملح؛ لتفادي ارتفاع ضغط الدم.
8. من جهة أخرى، تجنبي الوجبات السريعة لمساهمتها في زيادة الوزن.
ثالثًا: البيئة
وفي الوقت نفسه، تعدّ البيئة المحيطة نقطة أساسية على طريق الحمل والإنجاب الناجحَين. بالتالي، إليكِ النصائح الآتية بخصوص البيئة الصحية للحامل:
1. أحيطي نفسك بالدعم
احرصي على التواجد المستمر بين أشخاص يدعمونك ويقدمون لك العون والسند والمشورة. وفي الوقت نفسه، التفي بأجواء من الهدوء والطمأنينة وتجنبي الأماكن المكتظة والمزدحمة المليئة بالتلوث والصخب؛ فذلك يحفز التوتر لديك ويضر بصحة الجنين.
2. ابتعدي عن المواد الكيميائية
في الحقيقة لا يشكّل تنظيف الحامل للمنزل مشكلة كبيرة؛ لكنّ تنظيفها المنزل باستخدام المواد الكيميائية قد يمثل خطرًا على الجنين. وفي هذه المرحلة على الأقل، يُفضل الاعتماد على الزوج أو شخص آخر في هذا الجانب.
3. تجنبي التدخين
تجنبي التدخين بالامتناع عنه، أو الابتعاد عن الأشخاص المدخنين من حولك. التدخين بمختلف أشكاله يحمل أضرارًا وخيمة على الطفل بما فيها انخفاض الوزن خلال الولادة وتأخر عملية النمو.
4. لا تمكثي في المنزل
غيّري بيئتك باستمرار ولا تركني للمكوث حيثما أنتِ. أخرجي من المنزل فتشعرين بالتجدد والنشاط وتستقبلين أشعة الشمس البهيجة، كما تعطي طفلك فرصةً للاستكشاف والتعرف على مؤثرات وأصوات جديدة؛ أصوات الطبيعة والبيئة الخارجية، تعززين بها صحة دماغه، وصحتكِ أيضًا.
خاتمة
وفي الختام، هذه النصائح ستُحدِث فرقًا جوهريًا في مرحلة الحمل خاصتك؛ لكن لا تجعليها تغنيك عن زيارة الطبيب والحصول على المتابعة الدقيقة لحالتك، والمستجدات التي تطرأ عليها أولًا بأول.
○ عمِّم/ي الفائدة:
المراجع:
– Health Tips for Pregnant Women, National Institutes of Health
https://www.niddk.nih.gov/health-information/weight-management/healthy-eating-physical-activity-for-life/health-tips-for-pregnant-women#activityPregnant